كورسيرا (Coursera)، وهي منصة تعليمية عبر الإنترنت تُعتبر من أبرز المنصات في العالم، تأسست عام 2012 على يد اثنين من أساتذة جامعة ستانفورد، أندي نج (Andrew Ng) ودافني كولر (Daphne Koller)، بهدف تقديم تعليم عالي الجودة ومتاح للجميع. الموقع الرسمي لمنصة كورسيرا هو www.coursera.org . تتعاون هذه المنصة مع أكثر من 300 جامعة وشركة عالمية مثل ستانفورد وييل وغوغل وIBM لتوفير دورات تدريبية متنوعة، من الدورات القصيرة إلى الشهادات المهنية وحتى البرامج الأكاديمية الرقمية. بحلول نهاية عام 2024، بلغ عدد المستخدمين المسجلين في كورسيرا أكثر من 168 مليون مستخدم، مما جعلها من الرائدات في التعليم عبر الإنترنت. تقدم كورسيرا محتوىً موثوقًا ومرنًا، مما فتح بابًا جديدًا للتعلم مدى الحياة وتطوير المهارات.
تاريخ التأسيس
جاءت فكرة كورسيرا من جهود اثنين من أساتذة علوم الحاسوب في جامعة ستانفورد، نج وكولر، لجعل التعليم متاحًا للجميع. بعد نجاح تجربة تقديم الدورات عبر الإنترنت بشكل مجاني في عام 2011، أُنشئت كورسيرا رسمياً في عام 2012. الهدف الأولي كان إزالة الحواجز الجغرافية والمالية والزمنية، والسماح لأي شخص في العالم بالاستفادة من التعليم الجيد. منذ تأسيسها، عملت كورسيرا مع جامعات مرموقة لتطوير محتواها وتحقيق نمو سريع.
الهيكل والطريقة في العمل
كورسيرا منصة تعليمية كاملة عبر الإنترنت، ويمكن الوصول إليها عبر الموقع الإلكتروني أو تطبيق الهاتف (الذي حصل على تقييم 4.8 في متاجر أبل وغوغل). تشمل المنصة مجموعة واسعة من الدورات:
- الدورات القصيرة: عادةً تمتد لعدة أسابيع.
- التخصصات (Specializations): مجموعات من الدورات المرتبطة.
- الشهادات المهنية (Professional Certificates): مصممة بالتعاون مع شركات كبرى.
- البرامج الأكاديمية الرقمية: مثل برامج الماجستير وMBA.
يمكن للمستخدمين الوصول إلى بعض المحتوى مجانًا، لكن الحصول على شهادة أو المشاركة في برامج متقدمة يتطلب دفع رسوم. توفر كورسيرا أيضًا نموذج الاشتراك "كورسيرا بلس" (Coursera Plus)، حيث يمكن للمستخدمين الدفع سنويًا للحصول على وصول غير محدود إلى أكثر من 70٪ من محتوى المنصة.
المحتوى والشراكات
تُعتبر تنوع ونوعية المحتوى من أبرز نقاط قوة كورسيرا. تقدم المنصة دورات في مجالات متعددة مثل:
- علوم البيانات
- البرمجة
- الإدارة
- الفنون
- العلوم الإنسانية
- المهارات العملية مثل التصوير الفوتوغرافي والطبخ.
الشراكات مع جامعات مرموقة مثل برينستون وMIT وشركات مثل مايكروسوفت وأمازون تضمن صلاحية هذه الدورات. على سبيل المثال، دورة "التعلم الآلي" التي يقدمها أندي نج هي واحدة من أكثر الدورات شعبيةً في كورسيرا، حيث سجل أكثر من 4 ملايين شخص فيها. بالإضافة إلى ذلك، توفر كورسيرا محتوى متعدد اللغات وترجمة فورية باللغات المختلفة، مما يسهل الوصول إلى المستخدمين حول العالم.
التأثير على التعليم والمهنة
غيَّرت كورسيرا مفهوم التعليم وتطوير المهنة عالميًا. تتيح للمستخدمين تعلم المهارات المطلوبة في سوق العمل من أي مكان وفي أي وقت. على سبيل المثال، تُصمم الشهادات المهنية في مجالات مثل تحليل البيانات وإدارة المشاريع مباشرةً من قبل الشركات الكبرى، مما يساعد الباحثين عن العمل على تحسين سيرهم المهنية. كما توفر كورسيرا أدوات مثل كورسيرا للفترprises وكورسيرا للجامعات للسماح للشركات والجامعات باستخدام المنصة في تدريب الموظفين والطلاب. هذه المرونة جعلت كورسيرا أداةً أساسيةً للتعلم مدى الحياة.
الابتكارات والتكنولوجيا
استخدمت كورسيرا تقنيات متقدمة لتحسين تجربة التعلم. تتضمن المنصة:
- نظام الذكاء الاصطناعي لتقديم توصيات مخصصة وتتبع تقدم المستخدمين.
- الواجبات التفاعلية والاختبارات التلقائية لتعزيز التفاعل.
- النقاشات الجماعية لخلق بيئة تعاونية.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل كورسيرا على تطوير برامج تعتمد على الواقع الافتراضي (VR) ودورات أكثر تطبيقيًا، مما يوسع حدود التعليم الرقمي ويمنح المستخدمين تجربة قريبة من الفصول الدراسية الحضورية.
التحديات والانتقادات
رغم النجاحات، واجهت كورسيرا تحديات:
- التكاليف العالية: بالنسبة للمستخدمين في البلدان النامية، رغم وجود منح مالية.
- نسبة اكتمال الدورات المنخفضة: تشير الإحصائيات إلى أن 10-15٪ فقط من المشاركين يكملون دوراتهم.
- المنافسة: مع منصات مثل Udemy وedX وLinkedIn Learning ، لكن الشراكات مع المؤسسات المرموقة تبقى ميزة تميزها.
الإنجازات والإحصاءات
بحلول مارس 2025، تقدم كورسيرا أكثر من 7000 دورة تدريبية و1500 شهادة مهنية، وتعمل في أكثر من 190 دولة. شهدت المنصة نموًا هائلًا خلال فترة وباء كورونا، حيث سجل أكثر من 30 مليون مستخدم جديد في عام 2020. القيمة السوقية لكورسيرا، التي دخلت سوق نيويورك في 2021، تُقدّر الآن بحوالي 5 مليارات دولار، مما يُظهر قوتها في سوق التعليم الرقمي.
المستقبل لكورسيرا
تسعى كورسيرا لتعزيز دورها في مستقبل التعليم من خلال التركيز على:
- المهارات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين والاستدامة.
- الوصول العالمي: عبر الشراكات مع الحكومات والمنظمات الدولية لتوفير التعليم في المناطق المحرومة.
- المؤهلات الصغيرة (Micro-credentials): لتقديم حلول سريعة لاحتياجات سوق العمل.
مع هذا التوجه نحو الابتكار والتكيف مع التغيرات التكنولوجية والاجتماعية، يبدو أن مستقبل كورسيرا مشرقًا.
الاستنتاج
تحولت كورسيرا من فكرة بسيطة في جامعة ستانفورد إلى منصة رائدة في التعليم عبر الإنترنت، حيث تمكنت من تمكين ملايين المستخدمين حول العالم. بفضل جودة محتواها، مرناها، وسهولة الوصول، حددت كورسيرا معايير جديدة في التعليم الرقمي، وساعدت الأفراد والمنظمات على التقدم في عالم اليوم المتغير. رغم التحديات، ما زالت كورسيرا ملتزمة برسالتها "التعلم للجميع"، وتفتح آفاقًا مشرقةً في هذا المجال.